الجمعة، 23 أكتوبر 2015

أول مطر في الشتاء ( قصة قصيرة )

لا أعلم كيف سينتهي بنا الأمر، او كيف سيبدأ..؟
أبدو كالأصفر الباهت في نظرك الآن .. أليس كذلك ..؟
لا تعتقد إني كالشروق دوماً، انت لا تعلم شيئاً على الإطلاق ..
أسير الخطوات وحدي في عالمي وأقابلك .. ولكني لم أتحدث معك، لم أُخبرك بإني أُريد الحديث، وتناول القهوة، او أن نتشارك الحياة معاً ..
ولن أخبرك عن هذا في الأيام التالية، ليس هروباً او خوفاً ولكني لا أستطيع فعل ذلك ..
لم يحدث لي أن أُقابل شخصاً يجتاح حياتي فجأة ..
ليجعلني أشعر إني أفضل ..
ليجعلني أستمع لمقطوعة البيانو التى أُفضلها وأشعر ان ما بداخلي يتمايل يميناً ويساراً كالزهرة الحمراء في فصل الربيع ..
هل من المُمكن ان تصبح كالخريف ..؟
وتتساقط ذابلاً كأوراق الشجر الصفراء الذابلة ؟
وأُنظف أنا بقايا أوراقك وغُبارك ..؟
لم أنسى هذا .. فأنا أقول لك إني لم أقابل شيئاً كهذا في حياتي ..
لم أشعر يوماً إني كالبالونة عالقة في الهواء من غير ارادة أترنح ..
ربما تلك الكلمات تكشف لك إنه أنت .
وربما ستصبح غامضاً أكثر ..
أو تشعر بأن هُناك شيئاً غريباً ..
لا أُريد الكتابة عنك من أجل ذلك كله ..
لا أُريد ان تكون شخصاً آخر ..
وضعت هذا الدفتر بجوارها وأخذت تشرب كوب الشيكولاته الساخنة وتنظر من النافذة وتبتسم لسقوط المطر، فكانون الثاني يُهديها المطر كُل عام، كما أهداها روحها في آخره، كانت تستمع لعبد الوهاب .. أغنيتها المُفضلة ( يارب كل من له حبيب متحرموش منه ..) كانت تنظر لهؤلاء الممسكون بيد بعضهم بجوار المقهى الذي تجلس فيه ..
اخذها من شرودها هذا صوت رنين الهاتف برقم غريب ..
_ الو
_ الو السلام عليكم، أُستاذة هايدي التُركي ؟
_ ايوا مع حضرتك، مين معايا ؟
_ مع حضرتك مجلة الحُرية بنبلغك ان المقالات بتاعتك جميلة ويشرفنا انك تكوني من فريق المجلة الجديد ..
_ مُتشكرة على الخبر الحلو ده
_ العفو يا فندم، مستنينك بكرة الساعه 10 الصُبح
زادت ابتسامتها، ولكنها شعرت بالوحدة ..
ليس هُناك أحداً تُشاركه هذا الخبر ..
ليس هُناك صديق مُتفرغ لسماع هذا، ليس هُناك هو ايضاً، فما يحوم حولها مُجرد ذبذبات تشعُر بها ولكن لا تستطيع لمسها، وهذا يمنعها من أخذ اي خطوة غير السلام عند المقابلات الرسمية وفقط ..
أخذت تتنفس ببطئ ..
وغادرت المقهي، بعدما توقف المطر ..
لا تستطيع السير تحته وحيدة، هذا ما قطعته على نفسها منذ ثلاث سنوات، فالكثير من الأفعال تنتظر وجوده لتفعلها معه .
البيوت، الشوارع، اشكال الناس بعد سقوط المطر، والملابس المُبللة أيضاً تجعلها تبتسم وتشعر بالبهجة ..
أخذت تُشاهد كُل هذا ..
تفكر به كثيراً، تظن إنه بجوارها يُشاهد ويُعلق معها ..
ظنت إنه هُنا، مدت كفها لتُشبكه داخل كفه الكبير ولكن كان الفراغ يلتهم كفها في العراء ..
أدخلت كفها مرة أخري في جيب معطفها، أخذت سيارة أجرة للمنزل ..
تعود من جديد ..
خلعت معطفها وذهب لغُرفتها ..
وضعت دفتر مدوناتها بجوار السرير، وأخذت تشاهد فيلماً عربياً ..
كتبت مرة أخرى ..
ايُها الرجل الرائع الذى أُحبه وحدي ..
لدي موعد مُهماً في الغد، وكان المطر ينتظر أن تأتي لتجلس معي على الطاولة ..
وكان كفي بارداً للغاية لغيابك ..
أيُها الرجل الرائع الذي أُحبه وحدي ..
لن أتخلى عن هذا، ولن أُخبرك أيضاً ..
رُبما يراني الله مُلحة لغاية على الإقتراب منك ..
فيحدث هذا، كما يحدث سقوط المطر فجأة ..
ربما تأتي الغد او بعد غد ..
ربما لا تأتي ..
لن أقول هذا مرة أخرى ..
الحُب الصادق يدوم، وما بداخلي صادق ..
أشعُر بهذا، فالحُب هبة من الله .. أليس كذلك أيُها الرائع ..؟
الليلة باردة وسعيدة ..
كُنت أتمني أن تكون هنا، تُشاهد فيلماً معي ..
نتناول قدحاً من القهوة أو الشاي الأحمر ..
لعلك تكون هُنا يوماً ما ..
لحين قدوم هذا اليوم دعني أتمنى لك صباحاً جميلاً مُشرقاً ..
وليلة سعيدة خالية من البرودة والحُزن ..
دام الله حُبك في قلبي ..
وجعلك قريباً مني عاجلاً وليس اجلاً .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق