أبي الذي في السماء ..
العالم هُنا أصبح بشعاً بعد رحيلك .
لا أستطيع أن أشعر بصوت دقات قلبي وانا أضحك
انت تعلم كيف هي ضحكتي تثير نظرات الجالسين حولي
لم يتغير صوتي منذ ان غادرت منزلنا يا أبي
مازالت أمي تُخبرني إني كالأطفال التى تُعلمهم في فصلها ..
أكملت العشرين وحدي يا أبي
ولا يوجد كفك وذراعيك لإحتضاني
لا يوجد صوت لمفتاح شقتنا بعد العاشرة او في الرابعه، موعد انتهاء العمل الحكومي
تذكرت إنك حُراً ..
السماء واسعة يا أبي ..
أبحث عنك قبل أن تظهر الشمس في السماء ..
وأبحث عنك مع ظهور الهلال في بداية الشهر ..
أبحث عنك في أحلامي، وصوري
ولا يوجد سوى ابتسامتنا بعد أن وقعت سنتي الأمامية والآخرى قد أكل نصفها السوس
فأنا أتناول الحلوى من أجل أن تكبر السوسة، فهى ليس لديها قدم لتخرج من فمي لتشترى الحلوى
هل تتذكر مزاحي هذا ..؟
وأفكاري المخبولة ..؟
هل تتذكر قصتك كُل ليلة، كيف كانت البطلة تُشبهني ؟
وكيف كُنت أقود دراجتي ؟
هل تتذكر أختى الصغرى يا أبي، وكراهيتي الشديدة لقدومها ..؟
دعني أخبرك الأن إنها تُحبني بشدة أبادلها انا هذا، فأصبحت ناضجة يا أبي ..
أصبحت لا أخاف من صوتك العالي عند الغضب
او ربما أخاف ..
مازلت أبكي من الأصوات العالية ..
ولا يوجد صدرك لأبكي بداخله ( لتحميني ) من هذا وذاك
حقيبة مدرستي ثقيلة على ظهري ..
ويد أمي ضعيفة وصغيرة للغاية ..
وأنت هُناك تبتسم وتتناول القهوة وتنفخ في سيجارتك
مر الكثير يا أبي وانا وحدي ..
مر الكثير، وتبدلت أنا ..
لم أعد الطفلة كما تُخبرني أُمي ..
ولكني أتصرف بتلك السذاجة امامها، حتى تشعر إنها مازلت صغيرة .
وأختى أصبحت مثلك، طويلة ونحيلة .
أبي الذي في السماء ..
لا توجد ذكريات لنا معاً .
لا يوجد احاديث بيننا ..
لا يوجد أطباق فارغة على المائدة تحمل بقاياك ..
لا يوجد فنجان بأسمك بجوار فنجاني ..
لا يوجد صورة لعائلتنا الصغيرة ..
ابي الذي في السماء
انت لست هُنا ..
تلك هي الحقيقة الوحيدة التي أُحاول أنا عبثاً تجاهُلها .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق